قوة الشرطة في إمارة أبوظبي،مرت بمنعطفاتٍ عبر مسيرتها منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي فالمراقب لتأسيسها سيجد أن الطريق لم يكن ممهداً لكي ترى النور ولم يكن يتوقع أحداً أن يسطع نجمها وتحقق بحسب مؤشرات موثقة ونتائج ملموسة ،خاصة أنها وضعت أمامها أهم مرتكزٍ عصرية ألا وهو" تحقيق ديمومة المحافظة على استدامة الأمن والأمان في إمارة أبوظبي".
فما حققته من خطوات على أرض الواقع عبر مسيرة مستمرة منذ الأول من شهرابريل من عام1957،و
حتى اليوم يعود لمتابعة ودعم قيادة البلاد و توجهاتها الحريصة على ضمان أفضل الخدمات الشرطية لتعزيز جودة حياة المجتمع في إمارة أبوظبي بشكل مستدام.
وإن كانت قد شقّت طريقها وسط صعاب جمّة فمنذ بداياتها عانق حلم القيادة السياسية في أبوظبي متطلبات تأسيس جهاز شرطي من أجل تأمين الحماية لإمارة أبوظبي.و ظلت إرهاصات ذلك الحلم تتوالى وتتجاذب مابين الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان حاكم أبوظبي وقتها(1928 وحتى1968)وبين شقيقه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكم ابوظبي ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة(1968 وحتى2004) ،الذي كان وقتها ممثلاً لحاكم أبوظبي في مدينة العين.
ــ ففي الوقت الذي كانت الأسباب داعية لمتطلبات توفير الأمن تتزايد فإن أوضاع البلاد وقتها كانت بحاجة إلى توفير الاستقرار لأعداد السكان التي راحت تتزايد و راحت أعداد العاملين القادمين للعمل في شركات التنقيب عن البترول تضطرد ، الأمر الذي دعى البريطانيون لتأسيس قوة أمنية نظامية لحماية تلك الشركات ومعداتها والعاملين على مشروعات البحث والتنقيب والاكتشافات والحفر وغيرها؛ولتأمين تلك العمليات الجارية، تأسست وقتها قوة الساحل في1951م، وظلت مهمة المحافظة على الأمن الداخلي والنظام بين سكان وأهالي أبوظبي مرتبطة بعددٍ من الرجال الذي كان يرشحهم الحاكم ويعملون تحت أمرته ويُعرفون بــ"خويا الشيوخ" ،وهم الذين كانوا يعملون تحت إمرة الحاكم لحماية البلاد ونشر الأمن وتحقيق العدالة عندما يقتضي الأمر، إلا أن هذا التشكيل ، أو القوة لم تعرف طبيعة التنظيم الإداري أو العسكري. فالخوي هو الحارس الشخصي للحاكم وأفراد أسرته، وهو أيضاً أحد أفراد القوة التي تفرض النظام في البلدة أو الإمارة . فالحاكم هو من يعينهم ويختارهم بعناية ويعملون وفق أوامره ؛وهو قائد القوة، ويدفع رواتبهم من ماله الخاص.
ــ ولما كان الحاكم يختارهم من بين رجاله الأشداء وذوي المهارات البدنية و الذهنية الخاصة. كان يكفي أن يكون الخوي خبيراً في استخدام السلاح وقادراً على التسديد إلى الهدف بدقة مخلصاً لمجتمعه الذي يعيش فيه تحت راية الحاكم، ويقدم نفسه فداء لشيخه وأهله وعشيرته عند الضرورات وهو منفذ لأحكام القانون التي يصدرها القاضي على الخارجين عن القانون، ولم تكن هناك رتب في نظام خويا الشيوخ على غرار الأنظمة الشرطية والأمنية المتعارف عليها، إلى أن الإجراء الطبيعي كان يعتمد على الأقدمية وما يتمتع به أحدهم من مهارات وإخلاص لمهنته.
ــ وعلى المستوى العام لم تكن قوة الساحل كافية لحفظ الأمن في المنطقة، فكان ذلك سبباً وداعياً إلى ضرورة إنشاء قوة محلية ترعى شؤون الأمن في البلاد وتدعم استقراره وتصون المكتسبات التي كانت تتحقق يوماً بعد يوم.
ــ وقد وضع الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، نصب عينيه هدف إنشاء قوة الشرطة بالرغم من قلة الموارد المالية و البشرية و التحديات الأخرى، كي يتحقق الأمن في ربوع إمارة أبوظبي.
و بعد تشاور الشيخ شخبوط مع أخيه الشيخ زايد بن سلطان تأسست شرطة أبوظبي في إبريل من عام 1957 و هي تمضي محققةً تطورات و انجازات عبر مراحل زمنية.
وحرصت القيادة العامة لشرطة أبوظبي منذ انطلاقتها الأولى على تطبيق مقولة المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه:"إن الشرطة هي الركيزة الأساسية لاستقرار أمن البلاد ونشر الطمأنينة بين أبنائها".